للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ [النجم: ٣٧]. قال: "تدْرُونَ ما وَفَّى؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: "وَفَّى عَمَلَ يَوْمِه أربَعَ رَكَعاتٍ في النَّهَارِ".

فلو كان خبرُ سهلِ بنِ مُعاذٍ عن أبيه صحيحًا سَنَدُه، كان بَيِّنًا أن الكلماتِ التى ابْتُلِى بهنَّ إبراهيمُ، فقام بهنَّ، هى قولُه كُلَّما أصبَحَ وأمسَى: ﴿فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾. أوْ كان خبرُ أبى أمامةَ عُدُولًا نَقَلَتُه، كان معلومًا أن الكلماتِ التى أُوحِينَ إلى إبراهيمَ فابْتُلى بالعمَلِ بهنَّ، أن يُصَلِّىَ كلَّ يومٍ أربعَ ركَعاتٍ، غيرَ أنهما خبرانِ في أسانيدِهما نَظَرٌ.

فالصوابُ مِن القولِ في معنى الكلماتِ التى أخبَر اللهُ أنه ابتَلى بهنَّ إبراهيمَ، ما بيَّنَّا آنفًا.

ولو قال قائلٌ في ذلك: إن الذى قاله مجاهدٌ وأبو صالحٍ والربيعُ بنُ أنسٍ، أوْلَى بالصوابِ مِن القولِ الذى قاله غيرُهم. كان مذهبًا؛ لأن قولَه: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ وقولَه: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾، وسائرَ الآياتِ التى هى نظيرةُ ذلك -كالبيانِ عن الكلماتِ التى ذكَر اللهُ أنه ابتَلى بهنَّ إبراهيمَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾.

ويعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾: فأتمَّ إبراهيمُ الكلماتِ. وإتمامُه إيَّاهنَّ إكمالُه إيَّاهنَّ بالقيامِ للهِ بما أوجَب عليه فيهنَّ، وهو الوفاءُ الذى قال جلَّ ثناؤه: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾. يعنى بذلك: وفَّى بما عَهِد إليه بالكلماتِ فأمَره به،