للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأتمَّهنَّ، كما أخبرَ اللهُ جل ثناؤه عنه أنه فعَل. وجائزٌ أن تكونَ تلك الكلماتُ جميعَ ما ذكَره مَن ذكَرْنا قولَه في تأويلِ الكلماتِ، وجائزٌ أن تكونَ بعضَه؛ لأن إبراهيمَ صلواتُ اللهِ عليه قد كان امْتُحِنَ فيما بلغَنا بكلِّ ذلك، فعمِل به، وقام فيه بطاعةِ اللهِ وأمرِه الواجبِ عليه فيه.

وإذ كان ذلك كذلك، فغيرُ جائزٍ لأحدٍ أن يقولَ: عنَى اللهُ بالكلماتِ اللواتى ابتَلى بهنَّ إبراهيمَ شيئًا مِن ذلك بعينِه دونَ شيءٍ، ولا عنَى به كلَّ ذلك. إلَّا بحُجَّةٍ يَجِبُ التسليمُ لها، مِن خبرٍ عن الرسولِ ، أو إجماعٍ مِن الحُجَّةِ، ولم يصحَّ بشيءٍ (١) من ذلك خبرٌ عن الرسولِ بنقلِ الواحدِ، ولا بنقلِ الجماعةِ التى يَجِبُ التسليمُ لِما نَقَلَتْه. غيرَ أنه قد رُوِى عن النبيِ في نظيرِ معنى ذلك خبران لو ثَبَتا أو أحدُهما، كان القولُ به في تأويلِ ذلك هو الصوابَ:

أحدُهما ما حدَّثنا به أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا رِشْدِينُ (٢) بنُ سعدٍ، قال: حدَّثنى زَبّانُ (٣) بنُ فائدٍ، عن سهلِ بنِ مُعاذِ بنِ أنسٍ، عن أبيه، قال: كان النبىُّ يقول: "ألا أُخْبِرُكم لِمَ سَمَّى اللهُ، إبراهيمَ خَلِيلَه، الذى وفَّى؛ لأنَّه كان يَقُولُ كُلَّما أصْبَحَ وكُلَّما أمْسَى: ﴿فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ [الروم: ١٧] حتى يَخْتِمَ الآيةَ".

والآخَرُ ما حدَّثنا به أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا الحسنُ بنُ عطيَّةَ، قال: ثنا إسرائيلُ، عن جعفرِ بنِ الزبيرِ، عن القاسمِ، عن أبى أُمامةَ، قال: قال رسولُ اللهِ :


(١) في م: "فيه شيء"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "شيء".
(٢) في م: "راشد"، وفى ت ٢: "رشيد"، وفى ت ١، ت ٣: "رشد". وينظر تهذيب الكمال ٩/ ٢٨٢.
(٣) في الأصل، م، ت ٢، ت ٣: "ريان"، وفى ت ١: "زياد". وينظر تهذيب الكمال ٩/ ٢٨١.