للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن معنى الغابرِ الباقى؟ فقد وجب أن تكونَ قد بقِيَت؟

قيل: إن معنى ذلك غيرُ الذي ذهَبْتَ إليه، وإنما عُنِى بذلك: إلا امرأتَه كانت من الباقِين قبلَ الهلاكِ، والمُعَمَّرِين الذين قد أتَى عليهم دهرٌ طويلٌ (١)، ومرَّ بهم زمنٌ كبيرٌ (٢)، حتى هرِمَت في من هرِم مِن الناسِ، فكانت ممنَّ (٣) غَبرَ الدهرَ الطويلَ قبلَ هلاكِ القومِ، فهلَكت مع مَن هلَك مِن قومِ لوطٍ حينَ جاءهم العذابُ.

وقيل: معنى ذلك: مِن الباقين (٤) في عذابِ اللهِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧١]: في (٥) عذابِ اللهِ (٦).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: وأَمْطَرْنا على قومِ لوطٍ الذين كذَّبوا لوطًا ولم يُؤْمِنوا به، مطَرًا مِن حجارةٍ من سِجِّيلٍ أهْلَكْناهم به، ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فانْظُرْ يا محمدُ إلى عاقبةِ هؤلاء الذين كذَّبوا اللَّهَ ورسولَه مِن قومِ لوطٍ، فاجْتَرَموا معاصىَ اللهِ، وركِبوا الفَواحشَ، واسْتَحَلُوا ما حرَّم


(١) في ص: "كثير"، وفى م: "كبير".
(٢) في م، ف: "كثير".
(٣) في ف: "مع من".
(٤) في ت ٢: "الغابرين".
(٥) في مصادر التخريج: "في الباقين في".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥١٩ (٨٧٠٣) عن محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٣٣ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٠٠ إلى عبد بن حميد.