للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجَوفُ يَخْوِى خوًى (١) شديدًا. ولو قِيل في الجوفِ ما قِيل في الدارِ، وفي الدارِ ما قِيل في الجَوْفِ، كان صوابًا، غيرَ أن الفصيحَ ما ذكَرتُ.

وأما العُروشُ، فإنها الأبنيةُ والبيوتُ، واحدُها عَرْشٌ، وجَمْعُ قليلِه أَعْرُشٌ، وكلُّ بناءٍ فإنه عَرْشٌ، ويُقالُ: [عَرَش فلانٌ، إذا بنَى - يَعْرِشُ ويَعرُشُ - عرشًا] (٢)، ومنه قولُ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [الأعراف: ١٣٧] يعنِي: يَبْنُون. ومنه قِيل: عَريشُ مكةَ، يعنِى به خيامَها وأبنيتَها.

وبمثلِ الذي قُلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: قال ابن عباسٍ: ﴿خَاوِيَةٌ﴾: خرابٌ. قال ابن جريجٍ: بلَغنا أن عُزَيرًا حرَج، فوقَف على بيتِ المقدسِ وقد خرَّبه بُخْتُنَصَّرَ، فوقَف فقال: أبْعدَ ما كان لك (٣) مِن المقدسِ والمُقاتِلةِ والمالِ ما كان! فحزِن (٤).

حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ، قال: أخبَرنا عبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾. قال: هي خرابٌ (٥).


(١) في م: "خواء".
(٢) في ص: "عرش فلان إذا يعرش ويعرش عرشا"، وفى م: "عرش فلان يعرش ويعرش وعرش تعريشا". وفى ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عرش فلان إذا تعرش وتعرش تعريشا".
(٣) في الأصل: "فيك".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٣٣ إلى المصنف وابن المنذر دون قول ابن جريج.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٠٠ (٢٦٤٥) من طريق جويبر، عن الضحاك، وينظر ما سيأتي تخريجه في ١٦/ ٥٩٠.