للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قال إبراهيمُ لقومِه: أتَعْبُدون أيُّها القومُ ما تَنْحِتون بأيديكم مِن الأصنامِ؟! كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾: الأصنامَ (١).

وقولُه: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مُخْبِرًا عن قِيلِ إبراهيمَ لقومِه: واللهُ خلَقَكم أيُّها القومُ وما تَعْمَلُون.

وفي قولِه: ﴿وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ وجهان؛ أحدُهما: أن يكونَ قولُه "ما" بمعنى المصدرِ، فيكونَ معنى الكلامِ حينَئذٍ: واللهُ خلَقَكم وعملَكم، والآخرُ: أن يكونَ بمعنى الذي، فيكونَ معنى الكلامِ عندَ ذلك: واللهُ خلَقكم والذي تَعْمَلونه، أي: والذى تَعْمَلون منه الأصنامَ، وهو الخشبُ والنُّحاسُ والأشياءُ التي كانوا يَنْحِتون منها أصنامَهم.

وهذا المعنى الثاني قصَد، إن شاء اللهُ، قتادةُ (*) بقولِه الذى حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾: بأيديكم (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال قومُ إبراهيمَ، لمَّا قال لهم إبراهيمُ: ﴿أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾: ابْنُوا لإبراهيمَ بُنْيانًا. ذُكِر أنهم بَنَوْا له


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٩ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(*) إلى هنا انتهى الخرم الموجود فى مخطوط دار الكتب المصرية المشار إليه في ص ١٥٥.