للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النارِ إلا ملائكة نذيرًا للبشر، يعنى: إنذارًا لهم، فيكونُ قولُه: ﴿نَذِيرًا﴾ (١). بمعنى: إنذارًا (٢)، كما قال: [﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾] (٣) [الملك: ١٧]. بمعنى إنذارِى، ويكونُ أيضًا بمعنى: إنَّها لإحْدَى الكُبَرِ، صيَّرنا ذلك كذلك نذيرًا، فيكونُ قولُه: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾ مؤدِّيًا عن معنى صَيَّرنا ذلك كذلك، وهذا المعنى قَصْدُ مَن قال ذلك إن شاء اللهُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن إسماعيلَ، عن أبي رَزِينِ: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ﴾. قال: جهنمَ، ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ﴾. يقولُ اللهُ جلَّ ثناؤُه: أنا لكم منها نذيرٌ، فاتَّقُوها (٤)

وقال آخرون: بل ذلك مِن صفةِ رسولِ اللهِ ، وقالوا: نُصِب "نذيرا" على الحالِ، مما في قولِه: ﴿قُمْ﴾. وقالوا: معنى الكلامِ: قُم نذيرًا للبشرِ فَأَنْذِرْ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يُونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ﴾. قال: الخلْقِ، قال: بنو آدمَ البشرُ، فقيل له: محمدٌ النذيرُ؟ قال: نعم يُنْذِرُهم (٥).

وقوله: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: نذيرًا للبشرِ، لمن شاء منكم أيُّها الناسُ أنْ يتقدَّمَ في طاعةِ اللهِ، أو يتأخَّرَ في معصيةِ اللهِ.


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لهم".
(٢) بعده في م: "لهم".
(٣) في النسخ: "فكيف كان نذير". وصواب التلاوة ما أثبتنا.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٤١٨، وابن أبي الدنيا في صفة النار (١٢٨) من طريق إسماعيل به، بدون ذكر "فاتقوها".
(٥) ذكره الطوسى في التبيان ١٠/ ١٨٤، والبغوى في تفسيره ٨/ ٢٧٢.