للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقابَ اللهِ، فتجنَّبوا عصيانَه، وحذِروا وعيدَه (١)، فلم يتعدَّوا حدودَه، وخافوه فقاموا بأداءِ فرائضِه.

وبمثلِ الذي قلنا في قولِه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾. كان الربيعُ بنُ أنسٍ يقولُ.

حُدِّثتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: حدثنا ابنُ أبي جعفرٍ، بن أبيه، عن الرَّبيعِ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾. قال: فتكلَّموا بكلامِ الإيمانِ، فكانت حقيقَتُه العملَ، صدَقوا اللهَ. قال: وكان الحسنُ يقولُ: هذا كلامُ الإيمانِ، وحقيقتُه العملُ، فإن لم يكنْ مع القولِ عملٌ فلا شيْءَ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾.

يعني جلَّ ذِكرُه بقولِه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾: فُرِض عليكم.

فإن قال قائلٌ: أَفرضٌ على وليِّ القتيلِ القِصاصُ مِن قاتِل وَلِيِّه؟

قيل: لَا، ولكنَّه مباحٌ له ذلك، والعفوُ، وأخذُ الدِّيَةِ.

فإن قال: وكيفَ قال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾؟

قيل: إن معنَى ذلك على خلافِ ما ذهَبتَ إليه، وإنما معناه: يا أيها الذين آمَنوا كُتب عليكم في القتْلَى قِصاصٌ؛ الحرُّ بالحرِّ، والعبدُ بالعبدِ، والأُنْثى كفْءُ الأنثى. أي أن الحرَّ إذا قتَل الحرَّ، فدمُ القاتلِ كفءٌ لدمِ القتيلِ بالقِصاصِ (٣) منه


(١) في م: "وعده".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٩٢ عقب الأثر (١٥٧٠) من طريق ابن أبي جعفر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٧٢ إلى المصنف.
(٣) في م: "والقصاص".