للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّصارَى، فلا يَدْخُلون المسجدَ (١) إلا مُسارَقةً، إن قُدِرَ عليهم عُوقِبوا (٢).

وحدَّثنى موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ: ﴿أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾: فليس في الأرضِ رومىٌّ يَدْخُلُه اليومَ إلا وهو خائفٌ أن تُضْرَبَ عُنقُه، أو قد أُخِيفَ بأداءِ الجِزْيةِ فهو يُؤَدِّيها (٣).

وحدَّثنى يونُسُ، قال: أخْبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدِ في قولِه: ﴿أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾. قال: نادَى رسولُ اللهِ : "ألَّا (٤) يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشْرِكٌ، ولا يَطُوفَ بالبيتِ عُرْيانٌ". قال: فجعَل المُشرِكون يقولون: اللهم إنا مُنِعْنا أن نُبِرَّك (٥).

وإنما قِيلَ: ﴿أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾ فأُخرِج على وجهِ الخبرِ عن الجميعِ وهو خبرٌ عمّن منَع مساجدَ اللهِ أن يُذْكَرَ فيها اسمُه؛ لأن "مَن" في مَعْنَى الجمعِ وإن كان لفظُه واحدًا.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)﴾.

أما قولُه: ﴿لَهُمْ﴾. فإنه يَعْنى: للذين أخْبَر عنهم أنهم مَنَعوا مساجدَ اللهِ أن يُذْكَرَ فيها اسمُه.


(١) بعده في الأصل: "الحرام".
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٥٦، وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢١١ (١١١٧) عن الحسن بن يحيى به.
(٣) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢١١ (١١١٦) عن أبى زرعة، عن عمرو بن حماد به.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لا".
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣:"ننزل".
وقوله: "ألّا يحج بعد العام مشرك. . .". متفق عليه من حديث أبى هريرة، أن أبا بكر بعثه. . . يؤذن بمنى: ألا لا يحج. . . وينظر فتح البارى لابن رجب ٢/ ٤٠١، ٤٠٢، وسيأتى من طرق في أول سورة التوبة.