للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَهِيدٌ. فأَنَّى لعمرَ الشهادةُ والمسلمون مُطِيفون به. ثم قال: إِنَّ اللهَ على ما يشاءُ قديرٌ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا قُرِئ على هؤلاءِ المشركين آياتُ كتابِ اللهِ الذى أَنزَلناه إليك يا محمدُ، ﴿بَيِّنَاتٍ﴾ واضحاتٍ، على الحقِّ دالاتِ، ﴿قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾. يقولُ: قال الذين لا يخافون عقابَنا، ولا يُوقنون بالمعادِ إلينا، ولا يُصَدِّقون بالبعثِ، لك: ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾. يقولُ: أو غَيِّره. ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمدُ: ﴿مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي﴾، أي: مِن عندى.

والتبديلُ الذى سَألوه -فيما ذُكِرَ- أن يُحوِّلَ آيةَ الوعيدِ آيةَ وَعدٍ، وآيةَ الوعدِ وعيدًا، والحرامَ حلالًا، والحلالَ حرامًا. فأمر الله نبيَّه أن يُخبرَهم أن ذلك ليس إليه، وأن ذلك إلى مَن لا يُرَدُّ حُكمُه، ولا يُتَعقَّبُ قَضاؤُه، وإنما هو رسولٌ مُبَلِّغٌ، ومأمورٌ مُتَّبعٌ.

وقولُه: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾. يقولُ: قلْ لهم: ما أَتَّبِعُ فى كلِّ ما آمُرُكُم به، أيُّها القومُ، وأنْهاكم عنه، إلا ما يُنَزِّلُه إلىِّ ربِّي، ويَأْمُرُنى به. ﴿إِنِّي أَخَافُ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٦/ ١٩٣٤ من طريق حماد به، مختصرا، وذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٨٩ عن المصنف.