وُلِد في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين، أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين، وقد سأله تلميذه القاضي ابن كامل: كيف وقع لك الشك في ذلك؟ فقال: لأن أهل بلدنا يؤرخون بالأحداث دون السنين، فأُرخ مولدي بحدث كان في البلد، فلما نشأتُ سألت عن ذلك الحدث فاختلف المخبرون لي؛ فقال بعضهم: كان ذلك في آخر سنة أربع. وقال آخرون: بل كان في أول سنة خمس وعشرين ومائتين.
وقد حرص والده على معونته على طلب العلم وهو صبي صغير، يقول ابن جرير في ذلك: حفظتُ القرآن ولى سبع سنين، وصلَّيت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبتُ الحديث وأنا ابن تسع سنين، ورأى لي أبي في النوم أنني بين يدي رسول اللَّه ﷺ وكان معى مِخلاة مملوءةٌ حجارة وأنا أرمي بين يديه. فقال له المُعَبِّر: إنه إن كبر نصح في دينه، وذبَّ عن شريعته. فحرص أبي على معونتي على طلب العلم وأنا حينئذ صبي صغير.
فأول ما كتب الحديث ببلده، ثم بالرَّيِّ وما جاورها، وأكثر من الشيوخ حتى حصَّل كثيرًا من العلم.
قال الطبري: كنا نكتب عند محمد بن حميد الرازي فيخرج إلينا في الليل مرات ويسألنا عما كتبناه ويقرؤه علينا. قال: وكنا نمضي إلى أحمد بن حماد الدولابي وكان في قرية من قرى الرَّىِّ بينها وبين الري قُطعة (١)، ثم نعدو كالمجانين حتى نصير إلى ابن حميد فنلحق مجلسه.
(١) القُطْعَة: قِطعة من الأرض إذا كانت مفروزة. لسان العرب (ق ط ع).