للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابنُ أبي نجيحٍ: عرفاتٌ: [النَّبْعَةُ والنُّبَيْعَةُ] (١)، وذاتُ النابتِ، وذلك قولُ اللَّهِ: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ﴾. وهو الشِّعْبُ الأوسطُ.

وقال زكريا: ما سال مِن الجبلِ الذي يقِفُ عليه الإمامُ إلى عَرَفةَ، فهو مِن عَرَفةَ، وما دَبَرَ ذلك الجبلِ فليس من عَرفةَ.

وهذا القولُ يدلُّ على أنها سمِّيت بذلك نظيرَ ما يُسمَّى الواحدُ باسمِ الجماعةِ المختلفةِ الأشخاصِ.

وأولى الأقوالِ بالصوابِ في ذلك عندي أن يقالَ: هو اسمٌ لواحدٍ سُمِّي بجماعٍ، فإذا صُرِف ذُهِب به مَذْهبَ الجِماعِ الذي كان له في الأصلِ، وإذا تُرِك صَرْفُه ذُهِب به إلى أنه اسمٌ لبقعةٍ واحدةٍ معروفةٍ، فتُرِك صَرْفُه كما يُترَكُ صرفُ أسماءِ الأمصارِ والقرَى المعارفِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾.

يعني جلَّ ثناؤه بذلك: فإذا أفضْتُم فَكَرَرْتُم راجِعين مِن عَرفةَ إلى حيثُ بدأتُم الشخوصَ إليها منه ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾. يعني بذلك الصلاةَ والدعاءَ عندَ المَشْعرِ الحرامِ.

وقد بيَّنا قبلُ أن المشاعرَ هي المعالمُ، من قولِ القائلِ: شَعَرتُ بهذا الأمرِ. أي: علِمتُ (٢).

والمَشْعَرُ هو المَعْلمُ، سُمِّي بذلك لأن الصلاةَ عندَه والمُقَامَ والمَبِيتَ والدُّعاءَ مِن معالمِ الحَجِّ وفروضِه التي أمَر اللَّهُ تعالى ذكرُه بها عبادَه، وقد


(١) في الأصل: "التبعة والتبيعة". وينظر معجم البلدان ٤/ ٧٤١.
(٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٧١٠.