للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ﴾. يقولُ: وشَكَّت قلوبهم في حقيقة وحدانية الله، وفي ثوابه أهل طاعته، وعقابه أهلَ مَعاصِيه، ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾. يقولُ: في شَكّهم مُتَحَيِّرون، وفى ظُلمةِ الحَيَرةِ مُتَرَدِّدون، لا يَعْرِفون حَقًّا مِن باطل فيَعْمَلُوا على بصيرةٍ. وهذه صفة المنافقين.

وكان جماعةٌ مِن أهل العلم يرون أن هاتين الآيتين مَنْسُوختان بالآية التي ذُكِرَت في سورة "النور".

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضحٍ، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسنِ البَصْرِى، قالا: قوله: ﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾. إلى قوله: ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾. نَسَختها الآيةُ التي في "النورِ": ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ﴾ إلى ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١). [النور: ٦٢].

وقد بَيَّنَّا الناسخ والمنسوخ بما أغنى عن إعادته هاهنا (٢).

القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦)﴾.

يقول تعالى ذكره: ولو أراد هؤلاء المستأذنوك يا محمد، في ترك الخروج


(١) أخرجه ابن الجوزى في نواسخه ص ٣٦٧، ٣٦٨ من طريق على بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس. وذكره النحاس في ناسخه ص ٥٠٥ عن الحسن وعكرمة، وفيه أن آية سورة التوبة هي التي نسخت آية سورة النور.
(٢) تقدم في ٢/ ٣٨٨ وما بعدها.