للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذى فرَض عليك القرآن لرادُّك؛ لمصيِّرُك إلى الموضعِ الذى خرجتَ منه مِن الجنةِ، إلى أن تعودَ إليه، فذلك إن شاء اللهُ قولُ مَن قال ذلك.

وقولُه: ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. يقولُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ : قُلْ يا محمدُ لهؤلاء المشركين: ربِّي أعلمُ مَن جاء (١) بالهُدى الذي مَن سَلَكه نَجا، ومَن هو في جَوْرٍ عن قصد السبيلِ مِنَّا ومنكم.

وقولُه: ﴿مُبِينٍ﴾ يعنى أنه يُبِينُ للمفكرِ الفهِمِ إذا تأمَّله وتَدبَّره، أنه ضلالٌ وجَوْرٌ عن الهُدى.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (٨٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: وما كنتَ تَرْجو يا محمدُ أن يُنَزَّلَ عليك هذا القرآنُ، فتَعْلَمَ الأنباءَ والأخبارَ عن الماضِين قبلَك، والحادثةَ بعدَك، مما لم يَكُنْ بعدُ، مما لم تشهَدْه ولا تشهدُه، ثم تَتْلو ذلك على قومِك من قريشٍ، إلا أن ربَّك رحِمك، فأنزَله عليك. فقولُه: ﴿إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ استثناءٌ منقطعٌ.

وقولُه: ﴿فَلَا (٢) تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ﴾ يقولُ: فاحمدْ ربَّك على ما أنعَم به عليك مِن رحمتِه إيَّاك، بإنزالِه عليك هذا الكتابَ، ولا تَكُونَنَّ عَوْنًا لمَن كَفَر بربِّك على كفرِه به (٣).

وقيل: إن ذلك من المُؤخَّرِ الذى معناه التقديمُ، وإن معنى الكلامِ: إن الذى فرض عليك القرآنَ فأنزَله عليك، وما كنتَ تَرْجو أن يُنَزَّلَ عليك فتكونَ نبيًّا قبلَ


(١) بعده في ص، ت ٢: "قومه".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢: "ولا".
(٣) فى ت ١، ت ٢: "بك".