للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ عندَنا قراءةُ ذلك بفتحِ السينِ؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليها، وأنه لم يُسْمَعْ في الكلامِ: عَسِىَ أخوك يَقُومُ. بكسرِ السينِ وفتحِ الياءِ، ولو كان صوابًا كسرُها إذا اتَّصل بها مكنيٌّ، جاءت بالكسرِ مع غيرِ المكنيِّ، وفى إجماعِهم على فتحِها مع الاسمِ الظاهرِ، الدليلُ الواضحُ على أنها كذلك مع المكنِيِّ.

و ﴿إِنَّ﴾ التي تِلى ﴿عَسَيْتُمْ﴾ مكسورةٌ، وهى حرفُ جزاءٍ، و ﴿أَن﴾ التي مع ﴿تُفْسِدُوا﴾ في موضعِ (١) نصبٍ بـ ﴿عَسَيْتُمْ﴾.

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين يَفْعَلون (٢) هذا، يَعْنى الذين يُفْسِدون ويَقْطَعون الأرحامَ، الذين لعَنهم اللَّهُ فأبعَدهم من رحمتِه، ﴿فَأَصَمَّهُمْ﴾. يقولُ: فسلَبهم فهْمَ ما يَسْمَعون بآذانِهم من مواعظِ اللَّهِ في تنزيلِه، ﴿وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾. يقولُ: وسلَبهم عقولَهم، فلا يَتَبيَّنون (٣) حُججَ اللَّهِ، ولا يَتَذَكَّرون ما يَرَون من عِبَرِه وأدلتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (٢٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أفلا يَتَدَبَّرُ هؤلاء المنافقون مواعظَ اللَّهِ التي يَعِظُهم بها في آى القرآنِ الذي أنزَله على نبيِّه ، ويَتَفَكَّرون في حججِه التي بيَّنها لهم في تنزيلِه، فيَعْلَموا بها خطأَ ما هم عليه مُقيمون؟ ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. يقولُ: أم أَقْفَل اللَّهُ على قلوبِهم، فلا يَعْقِلون ما أنزَل اللَّهُ في كتابِه من المواعظِ والعِبرِ.


(١) في ت ٣: "الأرض".
(٢) في ت ٣: "يعقلون".
(٣) في ت ٣: "يتثبتون".