للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنى علىٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن علىٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا﴾. يقولُ: دائمًا (١).

وقولُه: ﴿مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ﴾. يقولُ: مَن معبودٌ غيرُ المعبود الذى له عبادةُ كلِّ شيءٍ يَأْتيكم بضياءِ النهارِ، فتَسْتَضيئون به؟ ﴿أَفَلَا تَسْمَعُونَ﴾! يقولُ: أفلا تُرْعُون ذلك سمعَكم، وتُفَكِّرون فيه فتتَّعِظون، وتَعْلَمون أن ربَّكم هو الذى يأتى بالليلِ ويَذْهَبُ بالنهارِ إذا شاء، وإذا شاء أتى بالنهارِ وذهَب بالليلِ، فيُنْعِمُ باختلافِهما كذلك عليكم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٧٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ : ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لمشركي قومِك: ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ أيُّها القومُ ﴿إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا﴾: دائمًا لا ليلَ معه أبدًا ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ﴾: مَن معبودٌ غيرُ المعبودِ الذي له عبادةُ كلِّ شيءٍ ﴿يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ﴾ فَتَسْتَقِرُّون وتَهْدَءُون فيه؟ ﴿أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾؟ يقولُ: أفلا تَرَوْن بأبصاركِم اختلافَ الليلِ والنهارِ عليكم، رحمةً من اللهِ لكم وحُجةً منه عليكم، فتَعْلموا بذلك أن العبادةَ لا تَصْلُحُ إلا لمن أنعَم عليكم بذلك دونَ غيرِه، ولمن له القدرةُ التي خالَف بها بينَ ذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣)﴾.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٠٣ من طريق عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٥، ١٣٦ إلى ابن المنذر.