للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضِعِ (١).

وإنما اختَرنا هذا التأويلَ؛ لأن المتَّبِعَةَ ما تَلَتْه الشياطينُ في عهدِ سليمانَ وبعدَه، إلى أن بعَث اللهُ نبيَّه بالحقِّ، [من السحرةِ لم تَزَلْ] (٢) في اليهودِ، ولا دلالةَ في الآيةِ أن اللهَ أراد بقولِه: ﴿وَاتَّبَعُوا﴾. بعضًا منهم دونَ بعضٍ، إذ كان جائزًا فصيحًا في كلامِ العربِ إضافةُ ما وصَفنا مِن اتِّباعِ أسلافِ المُخبَرِ عنهم بقولِه: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ). إلى أخلافِهم بعدَهم، ولم يكنْ بخصوصِ ذلك عن رسولِ اللهِ أثرٌ منقولٌ، ولا حجةٌ تدلُّ عليه، فكان الواجبُ مِن القولِ في ذلك أن يقالَ: كلُّ مُتَّبِعٍ ما تَلَتْه الشياطينُ على عهدِ سليمانَ مِن اليهودِ داخلٌ في معنى الآيةِ. على النحوِ الذى قلنا.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾.

ويعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿مَا تَتْلُو﴾: الذى تَتلو. فتأويلُ الكلامِ إذن: واتَّبَعوا الذى تَتلو الشياطينُ.

واختلَف [أهلُ التأويلِ] (٣) في تأويلِ قولِه: ﴿تَتْلُو﴾، فقال بعضُهم: يعنى بقولِه: ﴿تَتْلُو﴾: تُحدِّثُ وتَروِى وتتكلَّمُ به وتخبِرُ، نحوَ تلاوةِ الرجلِ القرآنَ، وهى قراءتُه. ووجَّه قائلو هذا القولِ تأويلَهم ذلك إلى أن الشياطينَ هى التى علَّمت الناسَ السحرَ ورَوَته لهم.


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٤٢، ٦٤٣.
(٢) في م: "وأمر السحر لم يزل".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.