للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما قلْنا مِن خوفِهم الفضيحةَ على أنفسِهم، فإن وهبَ بنَ مُنَبِّهٍ كان يقولُ: إن القومَ إذ أُمِروا بذبحِ البقرةِ إنما قالوا لموسى: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾. لعِلْمِهم بأنهم سيَفتضِحون إذا ذُبِحَت، فحادُوا عن ذبحِها.

حُدِّثْتُ بذلك عن إسماعيلَ بنِ عبدِ الكريمِ، عن عبدِ الصمدِ بنِ مَعْقِلٍ، عن وهبِ بنِ مُنَبِّهٍ.

وكان ابنُ عباسٍ يقولُ: إن القومَ بعدَ أن أحْيَا اللهُ الميتَ فأخبَرهم بقاتلِه، أنْكَرَت قَتَلَتُه قَتْلَه، فقالوا: واللهِ ما قتَلْناه. بعدَ أن رَأَوُا الآيةَ والحقَّ.

حَدَّثَنِي بذلك محمدُ بنُ سعدٍ، قال: حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنِي عمي، قال: حَدَّثَنِي أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾.

يعنى بقولِه جل ثناؤُه: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾: واذْكُروا يا بنى إسرائيلَ إذ قتَلْتُم نفسًا. والنفسُ التى قتَلوها هى النفسُ التى ذكَرْنا قصتَها في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾.

وقولُه: ﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾. يعنى: فاختَلَفْتُم وتنازَعْتُم. وإنما هو: فتَدارَأتُم فيها. على مثالِ "تَفاعَلْتُم"، مِن الدَّرْءِ، والدَّرْءُ العِوَجُ. ومنه قولُ أبى (٢) النَّجْمِ العِجْليِّ:

خَشْيةَ طغّامٍ إذا هَمَّ جَسَرْ

يَأْكُلُ ذا الدَّرْءِ ويُقْصِى مَن حَقرْ

يعنى ذا العِوَجِ والعُسْرِ، ومنه قولُ رُؤْبةَ بنِ العَجّاجِ (٣):


(١) سيأتى في ص ١٢٩.
(٢) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) ديوان رؤبة ص ١٦٦.