للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو القتلُ أو العفوُ إلى أهلِه، فنزَلتْ هذه الآيةُ في قومٍ كانوا أكثرَ من غيرِهم (١).

حدثنا القاسمُ، قال: حدثنا الحسينُ، قال: حدثني حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، قال: وأخبَرني عَمرُو بنُ دينارٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: إن بني إسرائيلَ كان كُتِب عليهمُ القِصاصُ، وخُفِّف عن هذه الأمةِ. وتلا عمرُو بنُ دينارٍ: ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ (٢).

وأما على قولِ من قال: القِصاصُ في هذه الآيةِ معناه قِصاصُ الدِّياتِ بعضِها من بعضٍ. على ما قاله السُّديُّ، فإنه ينبغي أن يكونَ تأويلُه: هذا الذي فعَلتُ بكم أيها المؤمنون من قصاصِ دياتِ قتلَى بعضِكم بدياتِ بعضٍ، وتَركِ إيجابِ القَودِ من (٣) الباقين منكم بقتيلِه الذي قتلَه أو (٤) أخذِه بديتِه، تخفيفٌ منِّي عنكم ثِقْلَ ما كان عليكم من حكمي عليكم بالقوَدِ أو الديةِ، ورحمةٌ منِّي لكم.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨)﴾.

يعني بقولِه: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ﴾: فمن تَجاوز ما جعَله اللهُ له بعدَ أخذِه الديةَ، اعتداءً وظلمًا، إلى ما لم يَجْعلِ اللهُ له من قتلِ قاتلِ وليِّه وسفكِ دمِه، فله بفعلِه ذلك، [وتقدُّمِه على] (٥) ما قد حرمتُه عليه، عذابٌ أليمٌ.

وقد بَيَّنتُ معنى الاعتداءِ فيما مضَى بما أغنَى عن إعادَتِه (٦).


(١) تقدم مطولا في ص ٩٦، ٩٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٩٣، ٢٩٦ (١٥٧٣، ١٥٨٥) من طريق عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٧٣ إلى أبي الشيخ.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "على".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".
(٥) في م: "وتعديه إلى".
(٦) ينظر ما تقدم في ٢/ ٢٠٩.