للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أبي صَخْرٍ، عن القُرَظيِّ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾: قال: عملُه ورزقه وعمره (١).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾. قال: من الأعمال والأرزاق والأعمار، فإذا فنى هذا جاءتهم رسلُنَا يَتَوَفَّوْنهم، وقد فرغوا مِن هذه الأشياء كلِّها.

وأولى هذه الأقوال عندى بالصواب قولُ من قال: معنى ذلك: أولئك ينالُهم نصيبهم (٢) مما كُتب لهم من خير وشرٍّ في الدنيا، ورزقٍ وعملٍ وأجَلٍ. وذلك أن الله جلَّ ثناؤه أتبع ذلك قوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. فأبان بإتباعه ذلك قوله: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾. أن الذي ينالُهم من ذلك إنما هو ما كان مَقْضِيًّا عليهم في الدنيا أن ينالهم؛ لأنه قد أخبر أن ذلك ينالُهم إلى وقتِ مجيئهم رسلُه لتَقْبِضَ أرواحهم، ولو كان ذلك نصيبهم من العذابِ (٣)، أو مما قد أعِدَّ لهم في الآخرة، لم يَكُنْ محدودًا بأنه ينالُهم إلى [حين مجيئهم] (٤) رسل الله لوفاتهم؛ لأن رسلَ اللَّهِ لا تَجيئُهم للوفاة في الآخرة، وأن عذابهم في الآخرة لا آخر له ولا انْقِضَاءَ، فإن الله قد قضى عليهم بالخلودِ فيه، فبيِّنٌ بذلك أن معناه ما اخْتَرْنا من القول فيه.

القول في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٧٤ (٨٤٤٢) من طريق أبى صخر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٨٢ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.
(٢) بعده في م: "من الكتاب".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢ ت ٣ س ف: "الكتاب".
(٤) في ص، ت ١، ٢، ت ٣، س، ف: "حين"، وفى م: "مجئ".