للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُجَجَ (١) أهلِ الحقِّ عندَ المحاجة والمخاصمةِ؛ لأن أهلَ الباطلِ حُجَجُهم داحضةٌ.

وقد بيَّنا أن معنى الظلمِ وضعُ الشيءِ في غيرِ موضعِه (٢)، والكافرُ وضَع جُحُودَه ما جحَد في غيرِ موضعِه، فهو بذلك مِن فعلِه ظالمٌ لنفسِه.

وبنحوِ ما قُلْنا في ذلك قال ابن إسحاقَ.

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ أي: لا يَهْديهم في الحُجَّةِ عندَ الخصومةِ لما هم عليه مِن الضلالِة (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾.

يَعْنى جلّ ثناؤه بقولِه: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾. نظيرَ الذي عَنَى اللَّهُ بقولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾. مِن تَعْجيبِ محمدٍ منه.

وقولُه: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾. عطفٌ على قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾. وإنما عطَف بقولِه: ﴿أَوْ كَالَّذِي﴾ على قولِه: ﴿إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ﴾. وإن اختلَف لفظاهما؛ لتشابهِ مَعْنَيَيْهما؛ لأن قولَه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾. بمعنى: هل رأَيتَ يا محمدُ كالذى حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه؟ ثم عطَف عليه بقولِه: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾. [كأَنَّه قال: هل رأيتَ كالذى حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه؟ أو كالذى مرَّ على قريةٍ] (٤)؟ لأن مِن شأنِ العربِ العَطْفَ بالكلامِ على معنًى نظيرٍ له قد تَقَدَّمَه، وإن خالَف لفظُه لفظَه.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حجة".
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٥٩، ٥٦٠.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٩٩ (٢٦٤٠) من طريق سلمة به.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.