وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: طورُ سِينينَ جبلٌ معروفٌ. لأن الطورَ هو الجبلُ ذو النباتِ، فإضافتُه إلى ﴿سِينِينَ﴾ تعريفٌ له، ولو كان نعتًا للطورِ كما قال مَن قال: معناه: حسنٌ أو مباركٌ - لكان الطورٌ منوَّنًا، وذلك أن الشئَ لا يُضافُ إلى نعتِه لغيرِ علةٍ تدعو إلى ذلك.
وقولُه: ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾. يقولُ: وهذا البلدِ الآمنِ من أعدائِه؛ أن يحارِبوا أهلَه أو يَغْرُوهم.
وقيل: ﴿الْأَمِينِ﴾. ومعناه الآمنُ، كما قال الشاعرُ (١):
ألم تَعْلَمى يا أَسْمَ ويحَكِ أننى … حلَفتُ يمينًا لا أَخُونُ أَمِينى
يريد: آمِنى. وهذا كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٦٧].
وإنما عُنِى بقولِه: ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾. مكةُ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾. قال: مكةَ (٢).
حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا رَوْحٌ، قال: ثنا عوفٌ، عن يزيدَ أبي عبدِ اللهِ، عن
(١) البيت بلا نسبة في معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٧٦، وتفسير القرطبي ٢٠/ ١١٣، اللسان (أ م ن).
(٢) تقدم تخريجه في ص ٥٠٤.