للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعنى: وهنّ صدائقُ.

وأما نصبُ الرفيق فإن أهلَ العربيةِ مختلفون فيه، فكان بعضُ نحويِّى البصرةِ يَرَى أنه منصوبٌ على الحالِ، ويَقُولُ: هو كقولِ القائلِ (١): كرُم زيدٌ رجلًا. ويَعْدِلُ به عن معنى: نِعم الرجلُ، ويَقُولُ: إنّ "نِعمَ (٢) "، لا تقَعُ إلا على اسمٍ فيه ألفٌ ولامٌ أو على نكرةٍ. وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ يَرَى أنه منصوبٌ على التفسيرِ (٣)، ويُنْكِرُ أن يَكُونَ حالًا، ويَسْتَشْهِدُ على ذلك بأن العربَ تَقولُ: كرُم زيدٌ مِن رجلٍ، وحسُن أولئك مِن رفقاءَ. وأن دخولَ "مِن" دَلالةٌ على أن الرفيقَ مُفَسِّرُه، قال: وحُكِى عن العربِ: نَعِمتم رجالًا. فدلَّ (٤) على أن ذلك نظيرُ قولِه: وحَسُنتم رُفَقاءَ. وهذا القولُ أولى بالصوابِ؛ للعلةِ التي ذكرناها لقائِليه. وقد ذكِر (٥) أن هذه الآيةَ نزَلت؛ لأن قومًا (٦) حزِنوا على فقدِ رسولِ اللهِ حذَرًا أن لا يَرَوْه في الآخرةِ.

ذكرُ الروايةِ بذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن جعفرِ بن أبى المغيرةِ، عن سعيدِ ابن جبيرٍ، قال: جاء رجلٌ من الأنصارِ إلى النبيِّ ، وهو، وهو محزونٌ، فقال له النبيُّ : "يا فلانُ، ما لي أرَاك محزونًا؟ " قال: يا نبيَّ اللهِ، شيءٌ فكرتُ فيه. فقال: "ما هو؟ " قال: نحن نَغْدُو عليك ونَرُوحُ، نَنظُرُ في وجهِك ونُجالسُك، غدًا تُرفَعُ مع النبيين فلا نَصِلُ إليك. فلم يَرُدُّ النبيُّ شيئًا، فأتاه


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الرجل".
(٢) بعده في الأصل: "الرجل".
(٣) هو التمييز. وقد تقدم مرارًا.
(٤) في الأصل: "يدل".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢: "وذكرنا".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢: "قوله".