للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسولِه (١).

﴿وَمَا هَدَى﴾. يقولُ: وما سلَك بهم الطريقَ المستقيمَ، وذلك أنه نهاهم عن اتباع رسول الله موسى، والتصديق به، فأطاعوه، فلم يَهْدِهم بأمره إياهم بذلك، ولم يَهْتَدوا باتِّباعِهم إياه.

القولُ في تأويل قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فلما نجا موسى بقومِه من البحر، وغشِى فرعونَ وقومه من اليم ما عَشِيهم، قلنا لقومِ موسى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ﴾ فرعون (٢)، ﴿وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾.

وقد ذكَرْنا كيف كانت مواعدةُ الله موسى وقومه جانب الطور الأيمنَ (٢)، وبيَّنا المنَّ والسلوى باختلاف المختلفين فيهما، وذكرْنا الشَّواهدَ على الصواب من القول في ذلك فيما مضَى قبلُ، بما أغْنى عن إعادته في هذا الموضع (٣).

واختَلَفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ﴾؛ فكانت عامةُ قرأة المدينة والبصرة يَقْرءونه: ﴿قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ﴾ بالنون والألف، وسائرُ الحروفِ الأُخرِ من كذلك (٤).

وقرَأ ذلك عامةُ قرأة الكوفة: (قد أنْجيْتُكم) بالتاء (٥)، وكذلك سائرُ الحروف


(١) في م: "رسله".
(٢) سقط من: ت ٢.
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٦٣ وما بعدها.
(٤) هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٤٢٢.
(٥) في ص، ت ١، ت ٣، ف: "بالياء".