للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يَقولُ: ابْتَدعها فخَلَقها، ولم يَخْلُقْ مثلَها شيئًا يتَمثَّلُ (١) به (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا﴾: وإذا أحْكَم أمرًا وحَتَمه. وأصلُ كلِّ قضاءٍ: الإحْكامُ والفراغُ منه. ومِن ذلك قِيلَ للحاكمِ بينَ الناسِ: القاضِى بينهم. لِفَصْلِه القضاءَ بينَ الخصومِ، وقَطْعِه الحكمَ بينَهم وفراغِه. ومنه قيل للميتِ: قد قضَى. يُرادُ به: فرَغ مِن الدنيا وفصَل منها. ومنه قيل: ما يَنْقضِى عَجَبِى مِن فلانٍ. يُرادُ: ما ينقطِعُ. ومنه قيل: تَقَضَّى النهارُ. إذا انْصَرم. ومنه قولُه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣]. أى: فصَل الحكمَ فيه بينَ عبادِه بأمرِه إيَّاهم بذلك. وكذلك قولُه: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ﴾ [الإسراء: ٤]. أى: أعْلَمناهم بذلك وأخْبَرناهم به، ففَرَغْنا إليهم منه. ومنه قولُ أبى ذُؤَيبٍ (٣):

وعليهما مَسْرُودتَانِ (٤) قَضَاهما … دَاودُ أو صَنَعُ (٥) السوَابِغِ تُبَّعُ

ويُروَى:

*وتَعاوَرَا مَسْرُودتَين قَضَاهما*

ويَعْنى بقولِه: قضاهما: أحْكَمهما. ومنه قولُ الآخرِ في مدحِ عمرَ بنِ


(١) في م: "فتتمثل"، وفى ت ١، ت ٣: "فتمثل".
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢١٤ (١١٣٦) عن أبى زرعة، عن عمرو بن حماد به.
(٣) ديوان الهذليين ١/ ١٩.
(٤) مسرودتان: درعان. اللسان (س ر د).
(٥) الصنع: الحاذق بالعمل. التاج (ص ن ع).