للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد رجَع إلى قبلتِنا، وسيَرْجِعُ إلى دينِنا، أو أن يقدِرُوا لكم على ضُرٍّ في دينِكم، أو صَدِّكم عما هَداكم اللهُ له من الحقِّ، ولكن اخشوْني، فخافوا عقابي في خلافِكم أمرِي إن خالَفتُموه.

وذلك من اللهِ تقدُّمٌ إلى عبادِه المؤمنين، بالحضِّ على لزومِ قبلتِهم والصلاةِ إليها، وبالنَّهي عن التوجُّهِ إلى غيرِها. يقولُ جلَّ ثناؤُه: واخشَوْني أيها المؤمنون، في ترْكِ طاعتي فيما أمَرتُكم به من الصلاةِ شطرَ المسجدِ الحرامِ.

وقد حُكِي عن السُّدِّيِّ في ذلك ما حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: حدَّثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾ يقولُ: لا تخشَوْا أن أردَّكم في دينِهم (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠)﴾.

يَعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ ومن حيث خرَجتَ من البلادِ والأرضِ إلى أيِّ بقعةٍ شَخَصْتَ، فولِّ وجْهَك شَطرَ المسجدِ الحرامِ، وحيثُ كنتَ أنت يا محمدُ والمؤمنون، فولُّوا وُجوهَكم في صلاتِكم شطْرَه، واتّخِذوه قِبلةً لكم، كيلا يكونَ لأحدٍ من الناسِ عليكم (٢) سِوَى مشركِي قريشٍ حُجةٌ، وكي أُتِمَّ بذلك - من هِدايتي لكم إلى قبلةِ خليلِي إبراهيمَ، الذي جعَلْتُه إمامًا للناسِ - نعْمتي، فأُكمِلَ لكم به فضلي عليكم، وأتمِّمَ به شرائعَ ملَّتِكم الحنِيفيّةِ المسلمةِ التي وصَّيتُ بها نوحًا وإبراهيمَ وموسى وعيسى وسائرَ الأنبياءِ غيرَهم.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٥٩ (١٣٩٠) عن أبي زرعة، عن عمرو به. وإلى هنا انتهى المجلد الثاني من نسخة دار الكتب المصرية. وقد أشرنا في المقدمة إلى أن الجزء الثالث منها غير موجود وتستأنف عند قوله جل ثناؤه: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾. من الآية ٢٢٠ من سورة البقرة.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.