للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن استعمالَ الناسِ قد جرى بينَهم فى مبالغتِهم، إذا أراد المبالغة في تقبيح الشيء، قالوا: فكأنه شيطانٌ، فذلك أحدُ الأقوالِ. والثاني: أن يكون مُثِّل برأسِ حيةٍ معروفةٍ عند العرب تُسمى شيطانًا، وهي حيةٌ له عُرْفٌ. فيما ذُكر، قبيحُ الوجهِ - والمنظرِ، وإياه عنى الراجزُ بقولِه:

عَنْجَرِدٌ (١) تَحْلِفُ حينَ أحْلِفُ … كمِثلِ شَيْطانِ الحَماطِ (٢) أَعْرَفُ (٣)

ويروى عُجَيِّزٌ.

والثالثُ: أن يكونَ مُثِّل نبتٌ معروف برءوس الشياطينِ، ذُكِر أنه قبيحُ الرأسِ (٤). ﴿فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾. يقول تعالى ذكرُه: فإن هؤلاء المشركين الذين جعَل اللهُ هذه الشجرةَ لهم فتنةً، لآكلون من هذه الشجرةِ التى هى شجرةُ الزَّقومِ، فمالئون من زَقُّومِها بطونَهَم (٥).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠)﴾.

يعني تعالى ذكره بقوله: ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ﴾. ثم إن لهؤلاء المشركين على ما يِأْكُلون مِن هذه الشجرةِ؛ شجرةِ الزقومِ - شَوْبًا، وهو الخَلْطُ، مِن قولِ العربِ: شاب فلانٌ طعامَه فهو يَشوبُه شَوْبًا وشِيابًا، ﴿مِنْ حَمِيمٍ﴾ والحميمُ: الماءُ


(١) امرأة عنجرد: خبيثة سيئة الخلق. اللسان (عنجرد).
(٢) قال الأصمعي: العرب تقول الجنس من الحيات: شيطان الحماط. وقيل: الحماط بلغة هذيل شجر عظام تنبت في بلادهم تألفها الحيات. ينظر تهذيب اللغة، ٤/ ٤٠١، ٤٠٢.
(٣) البيتان فى معانى القرآن للفراء، ٢/ ٣٨٧، واللسان (عنجرد، ح م ط، ش ط ن).
(٤) فى ت ١: "الرؤس".
(٥) في ت ١: "البطون".