للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (١).

قال أبو جعفرٍ: فتأويلُ الكلامِ على هذا التأويلِ: ولا تَتَمَنَّوْا أيها الرجالُ والنساءُ الذي فضَّل اللهُ به بعضَكم على بعضٍ مِن منازلِ الفضلِ ودرجاتِ الخيرِ، ولْيَرْضَ أحدُكم بما قسَم اللهُ له مِن نصيبٍ، ولكنْ سَلُوا اللهَ مِن فضلِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾.

اختلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: للرجالِ نصيبٌ مما اكتَسَبوا مِن الثوابِ على الطاعةِ، والعقابِ على المعصيةِ، وللنساءِ نصيبٌ من ذلك مثلُ ذلك.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾: كان أهلُ الجاهليةِ لا يُوَرِّثون المرأةَ شيئًا، ولا الصَّبِيَّ شيئًا (٢)، وإنما يَجْعَلُون الميراثَ لمن يَحْتَرِفُ ويَنْفَعُ ويَدْفَعُ، فلما لَحِق للمرأةِ نصيبُها وللصبيِّ نصيبُه، وجُعِل للذَّكَرِ مثلُ حظِّ الأنثيين، قال النساءَ: لو كان جُعِل أنصِباؤنا (٣) في الميراثِ كأَنْصِباءِ الرجالِ. وقالتِ الرجالُ: إنا لنَرْجُو أن نُفَضَّلَ على النساءِ بحسناتِنا فى الآخرةِ، كما فُضِّلْنا عليهنّ فى الميراثِ. فأنْزَل اللهُ: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا فى كتاب المتمنين ص ٧٨ (١٣١) من طريق حماد بن زيد به.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) فى م، والدر المنثور: "أنصباءنا".