للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩]. وهم الذين أَنْزَل اللَّه ﷿ فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه جَلَّ ثناؤُه: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)﴾.

وتأويلُ ﴿سَوَاءٌ﴾: معتدلٌ. مأخوذٌ مِن التَّساوي، كقولِك: مُتساوٍ هذان الأمران عندِي، وهما عندي سواءٌ. أي: هما متعادلان عندي. ومنه قولُ اللَّهِ جَلَّ ثناؤه: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨]. يعني بذلك (١): أعْلِمْهم وآذِنْهم بالحربِ، حتى يَسْتويَ [علمُك وعلمُهم] (٢) بما عليه كلُّ فريقٍ منهم للفريقِ الآخرِ. فكذلك قولُه: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾: معتدلٌ عندهم أيُّ الأمرين كان منك إليهم، الإنذارُ أم تركُ الإنذارِ؛ لأنهم لا يؤْمِنون، وقد خَتَمْتُ على قلوبِهم وسمعِهم. ومِن ذلك قولُ عبدِ اللَّهِ (٣) بنِ قيسِ الرُّقَيَّاتِ (٤):

تقَدَّت (٥) بِيَ الشَّهْباءُ (٦) نَحْوَ ابْنِ جَعْفَرٍ … سَوَاءٌ عَلَيْها لَيْلُها ونَهَارُها

يعني بذلك: معتدلٌ عندَها في السيرِ الليلُ والنهارُ؛ لأنه لا فُتورَ فيه. ومنه قولُ الآخرِ (٧):


(١) زيادة من: ر.
(٢) في ص: "عليك وعليهم".
(٣) كذا في النسخ. وهو مختلف فيه، والراجح أنه عبيد الله، وينظر البداية والنهاية ١٢/ ١٧٥ حاشية (٧).
(٤) ديوانه ص ٨٢.
(٥) في م: "تغذُّ"، وهما بمعنى، قدى الفرس: أسرع. اللسان (ق د ى).
(٦) الشهبة في الخيل: لون بياض، يصدعه سواد في خلاله. اللسان (ش هـ ب).
(٧) البيت للأعشى في ديوانه ص ٣٧٣. ونسبه ابن الشجري في الحماسة ٢/ ٧١٠، ٧٢٨، والنويري في نهاية الأرب ١/ ١٤٢، إلى مضرس بن ربعي، ونسبه المرزوقي في الأزمنة والأمكنة ٢/ ٢٣٣ إلى مضرس بن لقيط، ونسبه الحصري في زهر الآداب ٢/ ٧٥١ إلى ابن محكان السعدي.