وقولُه: ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ثم يُخبِرُ هؤلاء المتناجِين وغيرَهم بما عمِلوا مِن عملٍ مما يُحِبُّه أو يُسْخِطُه يومَ القيامةِ؛ ﴿إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. يقولُ: إِنَّ اللَّهَ بنجواهم وأسرارِهم وسرائرِ أعمالِهم، وغيرِ ذلك مِن أمورِهم وأمورِ عبادِه - عليمٌ.
واختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾؛ فقرأَتْ قرأَةُ الأمصارِ ذلك: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى﴾ بالياءِ، خلا أبي جعفرٍ القارئِ، فإنه قرَأه: (ما تَكُونُ) بالتاءِ. والياءُ هي الصوابُ في ذلك؛ لإجماعِ الحجةِ عليها، ولصحتِها في العربيةِ (١).
القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨)﴾.
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى﴾ مِن اليهودِ، ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ﴾ فقد نَهى اللَّهُ ﷿ إيَّاهم عنها، ﴿وَيَتَنَاجَوْنَ﴾ بينَهم ﴿بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جمِيعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
(١) ينظر النشر ٢/ ٢٨٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute