للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى﴾. قال: اليهودُ (١).

قولُه: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: ثم يَرْجِعون إلى ما نُهُوا عنه مِن النَّجوَى، ﴿وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: ويتناجَون بما حرَّم اللَّهُ عليهم مِن الفواحشِ والعدوانِ، وذلك خلافُ أمرِ اللَّهِ، ومعصيةُ الرسولِ محمدٍ .

واختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَيَتَنَاجَوْنَ﴾. فقرأَتْ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ الكوفيِّين والبصريِّين: ﴿وَيَتَنَاجَوْنَ﴾ على مثالِ "يتفاعَلوْن" (٢). وكان يحيَى وحمزةُ والأعمشُ يقرَءُون: (ويَنْتَجُونَ) على مثالِ "يَفْتَعِلون" (٣). واعتَلّ الذين قرَءوه: ﴿يَتَنَاجَوْنَ﴾. بقولِه: ﴿إِذَا تَنَاجَيْتُمْ﴾ [المجادلة: ٩]، ولم يقلْ: إذا انْتَجَيْتُم.

وقولُه: ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : وإذا جاءك يا محمدُ هؤلاءِ الذين نُهُوا عن النَّجوَى، الذين وصف اللَّهُ جلّ ثناؤُه صفتَهم، حَيَّوْك بغيرِ التحيةِ التي جعَلها اللَّهُ لك تحيةً. وكانت تحيتُهم التي كانوا يُحيُّونه بها - التي أخبَر اللَّهُ أنه لم يُحيِّه بها فيما جاءت به الأخبارُ - أنهم كانوا يقولون: السامُ عليكم (٤).

ذكرُ الروايةِ الواردةِ بذلك

حدَّثنا ابنُ حميدٍ وابنُ وكيعٍ، قالا: ثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن أبي الضُّحَى،


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٤ إلى ابن المنذر، وذكره الواحدي في أسباب النزول ص ٣٠٦.
(٢) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي وأبي جعفر ويعقوب في رواية روح وخلف. ينظر النشر ٢/ ٢٨٨.
(٣) وبها قرأ يعقوب في رواية رويس. ينظر البحر المحيط ٨/ ٢٣٦.
(٤) في م: "عليك".