للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك رُوِي الخبرُ عن الضحاكِ بنِ مُزاحمٍ.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا أبو زُهَيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾. قال: والتقوى عملٌ بطاعةِ اللَّهِ.

وقد بيَّنا معنى "التقوى" فيما مضَى بما أغنَى عن إعادتِه (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٧)﴾.

يعني جلَّ ثناؤُه بذلك: اتقونِ يا أهلَ العقولِ والأفهامِ، بأداءِ فرائضِي عليكم التي أوجبتُها عليكم في حَجِّكم ومناسكِكم، وغيرِ ذلك من دِيني الذي شرَعتُه لكم، وخافُوا عقابي باجتنابِ محارمي التي حرَّمتُها عليكم - تَنْجُوا بذلك مما تخافُون من غضبي عليكم وعقابي، وتُدركوا [به ما تَأمُلُون وتَرجُون مِن رِضايَ عنكم وجزيلِ ثوابي لكم، وتُدرِكوا] (٢) ما تطلُبون من الفوزِ بجنَّاتي.

وخَصَّ جلَّ ذِكرُه بالخطابِ بذلك أُولي الألبابِ؛ لأنهم أهلُ التمييزِ بينَ الحقِّ والباطلِ، وأهلُ الفكرِ الصحيحِ والمعرفةِ بحقائقِ الأشياءِ التي بالعقولِ تُدْرَكُ، وبالألبابِ تُفْهَمُ، ولم يَجعلْ لغيرِهم من أهلِ الجهلِ في الخطابِ بذلك حظًّا، إذ كانوا أشباحًا كالأنعامِ، وصُوَرًا كالبهائمِ، بل هم منها أضلُّ سبيلًا.

والألبابُ: جمعُ لُبٍّ، وهو العقلُ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾.

يعني جلَّ ثناؤُه بذلك: ليس عليكم أيُّها المؤمنون جُناحٌ. والجُنَاحُ الحَرَجُ.


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٣٧ - ٢٤٠.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.