للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثني المثنى، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّهِ، قال: حدثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾: وهو لا حَرَجَ عليكم في الشراءِ والبيعِ قبلَ الإحرامِ وبعدَه (١).

وقولُه: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يعني: أن تَلْتَمِسوا فضلًا من عندِ ربِّكم. يقالُ منه: ابْتَغَيْتُ فضلًا من اللَّهِ، ومن فضلِ اللَّهِ، أبتَغِيه ابتغاءً، إذا طلبتَه والتمستَه، وبَغَيتُه أبغِيه بُغَاءً (٢). كما قال عبدُ بني الحَسْحاسِ (٣):

بَغاكَ وما تَبْغيه حتى (٤) وَجَدْتَه … كأنَّك قد وَاعَدْتَه أمسِ مَوْعِدا

يعني: طَلَبَك والتمسَكَ.

وقيل: إن معنى ابتغاءِ الفضلِ من اللَّهِ، التماسُ رزقِ اللَّهِ بالتجارةِ، وإن هذه الآيةَ نزَلت في قومٍ كانوا لا يَرَوْن أن يَتَّجِروا إذا أَحرَموا، يَلْتَمِسون البِرَّ بذلك، فأَعلَمهم جلَّ ثناؤُه إلا بِرَّ في ذلك، وأنَّ لهم التماسَ فضلِه بالبيعِ والشراءِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني نصرُ بنُ عبدِ الرحمنِ الأوْدِيُّ، قال: ثنا المُحارِبيُّ، عن عمرَ بنِ ذَرٍّ، عن مجاهدٍ، قال: كانوا يَحُجُّون ولا يتَّجِرون، فأنزَل اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾. قال: في المواسمِ (٥).

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا هُشيمٌ، قال: أخبَرَنا عمرُ بنُ ذَرٍّ، قال:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٥١ (١٨٤٧) من طريق عبد الله بن صالح به.
(٢) في م: "بغيا".
(٣) ديوانه ص ٤١.
(٤) رواية الديوان: "إلا". و"حتى" هنا بمعنى "إلا". ينظر مغني اللبيب ص ١١١.
(٥) في م، ت ١، ت ٣: "الموسم".