للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسيرُ سورةِ فاطرِ

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذِكرُه: الشكرُ الكاملُ للمعبودِ الذي لا تصلُحُ العبادةُ إلا له، ولا ينبَغى أن تكونَ لغيرِه، خالقِ السماواتِ السبعِ والأرضِ، ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا﴾ إلى مَن يشاءُ مِن عبادِه، وفيما شاء من أمرِه ونهيِه، ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾. يقولُ: أصحابُ أجنحةٍ. يعنى ملائكةً. فمنهم مَن له اثنانِ مِن الأجنحةِ، ومنهم مَن له ثلاثةُ أجنحةٍ، ومنهم مَن له أربعةٌ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾. قال: بعضُهم له جناحانِ، و (١) بعضُهم ثلاثةٌ، و (١) بعضُهم أربعةٌ (٢).

واختلَف أهلُ العربيةِ في علةِ تركِ إجراءِ مَثْنَى وَثُلاثَ ورُباعَ، وهى ترجمةٌ عن أجنحةٍ، وأجنحةٌ نكرةٌ، فقال بعضُ نحويِّ البصرةِ: تُرِك إجراؤهنَّ؛ لأنهنَّ مصروفاتٌ عن وجوهِهنَّ، وذلك أن ﴿مَثْنَى﴾ مصروفٌ عن اثنين، ﴿وَثُلَاثَ﴾ عن ثلاثةٍ، ﴿وَرُبَاعَ﴾ عن أربعةٍ، فصِرْن (٣) نظيرَ عُمَرَ، وزُفَرَ، إذ صُرِف هذا عن


(١) بعده في الأصل: "قال".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٤ إلى عبد بن حميد والمصنف وابن أبي حاتم.
(٣) من م، ت ١، ت ٢: "فصرف".