للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد نهَى اللهُ الجنبَ أن يَقْرَبَ مُصَلَّى المسلمين إلا مُجْتازًا فيه حتى يَغْتَسِل، ولم يُرخِّصْ له في التَّيممِ. قالوا: وتأويلُ قولِه: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾: أو لامَسْتُموهن باليدِ دونَ الفرجِ ودونَ الجماعِ. قالوا: فلم نَجِدِ الله رخَّص للجنبِ في التيممِ، بل أمره بالغُسْلِ، وأَلّا يَقْرَبَ الصَّلاةَ إلا مُغْتَسِلًا. قالوا: فالتُّيممُ لا يُطَهِّرُه لصلاتِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ وأبو السائبِ، قالا: ثنا أبو معاويةَ، عن الأعْمشِ، عن شَقِيقٍ، قال: كنتُ مع عبدِ اللهِ بن مسعودٍ وأبي موسى الأشْعَريِّ، فقال أبو موسى: يا أبا عبدِ الرحمنِ، أرأَيْت رجلًا أجْنَب، فلم يَجِدِ الماءِ شهرًا أيَتَيَمَّمُ؟ فقال عبدُ اللهِ: لا يَتَيَمَّمُ، وإن لم يَجِدِ الماءِ شهرًا. فقال أبو موسى: فكيف تَصْنَعون بهذه الآيةِ في سورةِ المائدةِ ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ فقال عبدُ اللهِ: إِن رُخِّص لهم في هذا لأَوْشَكوا إذا بَرَد عليهم الماءُ أن يَتَيَمَّموا بالصَّعيدِ. فقال له أبو موسى: إنما كرِهْتُم هذا لهذا؟ قال: نعم. قال أبو موسى: ألم تَسْمَعْ قول عمارٍ لعمرَ: بَعَثْنى رسولُ اللهِ في حاجةٍ فأَجْنَبْتُ، فلم أَجِدَ الماءَ، فتَمَرَّغْتُ في الصَّعيدِ، كما تمرَّغُ الدَّابَّةُ؟ قال: فذكَرْتُ ذلك للنبيِّ ، فقال: "إنما يَكْفيك أن تَصْنَعَ هكذا". وضرَب بكفَّيْه ضربةً واحدةً، ومسَح بهما وجهَه، ومسَح كفَّيْه. فقال عبدُ اللهِ: ألم تَرَ عمرَ لم يَقْنَعْ لقولِ عمارٍ (١)!.

حدَّثنا ابن بشَّارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سُفيانُ، عن سَلمةَ، عن أبي


(١) أخرجه النسائي (٣١٩)، وفى الكبرى (٣٠٨) عن أبي كريب محمد بن العلاء - وحده - به، وأحمد ٣٠/ ٢٦٩ (١٨٣٢٨)، والبخارى (٣٤٧)، ومسلم (٣٦٨/ ١١٠)، وأبو داود (٣٢١)، وابن خزيمة (٢٧٠) وغيرهم من طريق أبي معاوية به.