للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: سَيْبًا (١) شديدًا باقيًا لا يَنْقَطِعُ.

القولُ في تأويل قوله: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤)﴾.

يقول تعالى ذكرُه: أولم يَتَفَكَّرُ هؤلاء الذينَ كَذَّبوا بآياتنا، فيَتَدَبَّروا بعقولهم، ويعلموا أن رسولَنا الذي أرْسَلْناه إليهم، لا جِنَّةَ به ولا بَلَ، وأنَّ الذي دعاهم إليه هو [الصحيحُ والدينُ] (٢) القويمُ، والحقُّ المبين. ولذا أُنزِلَتْ هذه الآية فيما قيل.

كما حدَّثنا بشرُ بن معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قال: ذُكر لنا أن نبيَّ الله كان على الصَّفا، فدعا قريشًا، فَجَعَل يُفَخِّذُهُم فَخْذًا فَخْذًا (٣): "يا بَنى فلانٍ، يا بني فلانٍ". فَحَذَّرَهم بَأْسَ اللهِ، ووَقائِعَ اللهِ. فقال قائِلُهم: إِنَّ صاحِبَكم هذا لمجنونٌ! بات يُصَوِّتُ إلى الصباحِ. أو: حتى أصْبَح، فأَنزَل اللهُ : ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (٤).

ويعنى بقوله: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾؛ ما هو إلا نذيرٌ يُنذِرُكم (٥) عقابَ اللهِ


(١) في م: "سيرًا". والسيب: الجرى. وساب الماء سيبًا: جرى وساب يسيب: مشى مسرعًا. التاج (س ي ب).
(٢) في م: "الدين الصحيح".
(٣) يقال: فخَّذ الرجل بني فلان. إذا دعاهم فخذا فخذا. والفَخْذُ هو حَيُّ الرَّجُل إذا كان من أقرب عشيرته. تاج العروس (ف خ ذ).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٢٤ من طريق يزيد به نحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٤٩، ١٥٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ.
(٥) في م: "منذركم".