للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ: ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ (١)﴾. قال: دعا قومُه مع اللهِ آلهةً (٢)، وخوَّفوه بآلهتِهم أن يُصِيبَه منها خَبْلٌ، فقال إبراهيمُ: ﴿أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ (١)﴾. قال: قد عرَفْتُ ربي، لا أَخافُ ما تُشْرِكون به.

﴿وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾. يقولُ: وعَلِم ربي كلَّ شيءٍ، فلا يَخْفَى عليه شيءٌ؛ لأنه خالقُ كلِّ شيءٍ، ليس كالآلهةِ التي لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ، ولا تَفْهَمُ شيئًا، وإنما هي خشبةٌ مَنْحوتةٌ، وصورةٌ مُمَثَّلةٌ، ﴿أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٣)﴾. يقولُ: أفلا تَعْتَبِرُون أَيُّها الجَهَلَةُ، فتَعْقِلوا خطأَ ما أنتم عليه مُقِيمون؛ مِن عبادتِكم صُورةً مُصَوَّرةً، وخشبةً مَنْحوتةً، لا تَقْدِرُ على ضَرٍّ ولا على نفعٍ، ولا تَفْقَهُ شيئًا، ولا تَعْقِلُه، وترْكِكم عبادةَ مَن خلَقكم وخلَق كلَّ شيءٍ، وبيدِه الخيرُ، وله القدرةُ على كلِّ شيءٍ، والعالم بكلِّ شيءٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١)﴾.

وهذا جوابُ إبراهيمَ لقومِه حينَ خوَّفوه مِن آلهتِهم أن تَمَسَّه، لذكرِه إياها بسوءٍ، في نفسِه بمكروهٍ، فقال لهم: وكيف أَخَافُ وأَرْهَبُ مَا أَشْرَكْتُموه في عبادتِكم ربَّكم، فعبَدْتُموه مِن دونِه، وهو لا يَضُرُّ ولا يَنْفَعُ؟ ولو كانت تَنْفَعُ أو تَضُرُّ، لدَفَعَت عن أنفسِها كَسْرِى إياها، وضَرْبي لها بالفأسِ، وأنتم لا تَخافون اللهَ الذي


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "هداني".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "إلها".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "تذكرون".