للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسيرُ سورةِ "التغابنِ"

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يَسْجُدُ له ما في السماواتِ السبعِ وما في الأرضِ مِن خلقِه ويُعَظِّمُه.

وقولُه: ﴿لَهُ الْمُلْكُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: له ملكُ السماواتِ والأرضِ وسلطانُهما (١)، ماضٍ قضاؤُه في ذلك كلِّه، نافذٌ فيه أمرُه.

وقولُه: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ﴾. يقولُ: وله حمدُ كلِّ ما فيها مِن خلقٍ؛ لأن جميعَ مَن في ذلك من الخلقِ لا يَعْرِفون الخيرَ إلا منه، وليس لهم رازقٌ سواه، فله حمدُ جميعِهم، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. يقولُ: وهو على كلِّ شيءٍ ذو قدرةٍ. يقولُ: يَخْلُقُ ما يشاءُ ويُمِيتُ مَن يشاءُ، ويُغْنِي مَن أراد ويُفْقِرُ مَن يشاءُ، ويُعِزُّ مَن يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَن يَشَاءُ، لا يَتَعَذَّرُ عليه شيءٌ أراده؛ لأنه ذو القدرةِ التامةِ التي لا يُعْجِزُه معها شيءٌ.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: اللَّهُ ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ أيُّها الناسُ، وهو مِن ذكرِ اسمِ اللَّهِ، ﴿فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾. يقولُ: [فمنكم كافرٌ بخالقِه وأنه خلَقَه، ﴿وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾. يقولُ] (٢): ومنكم مُصَدِّقٌ به مُوقِنٌ أنه خالقُه وبارئُه، ﴿وَاللَّهُ بِمَا


(١) في النسخ: "سلطانه". والمثبت أنسب للسياق، وينظر ما سيأتي ص ١١٨.
(٢) سقط من: ت ١.