للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القارئ فمصيبٌ.

فتأويل الكلام إذن: فانظرْ يا محمد، إلى آثارِ الغيثِ الذي يُنَزِّلُ اللَّهُ من السحابِ، كيف يُحيى الله به الأرضَ الميتةَ، فيُنبتُها ويُعشِبُها، من بعد موتها ودثورها.

﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى﴾. يقولُ جلَّ ذكره: إن الذي يُحيى هذه الأرضَ بعد موتها بهذا الغيثِ، لَمُحيي الموتى من بعد موتهم، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾، مع قدرته على إحياء الموتى، ﴿قَدِيرٌ﴾، لا يعزُّ عليه شيءٌ أراده، ولا يمتنع عليه فعلُ شيءٍ شاءه، سبحانَه.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١)﴾.

يَكْفُرُونَ الله يقول تعالى ذكره: ولئن أرسَلْنا ريحًا، مفسدةً ما أنبته الغيثُ الذي أنزلناه من السماء، فرأى هؤلاء الذين أصابهم الله بذلك الغيث الذي (١) حَبِيتْ (٢) به أَرَضُوهم، وأعشَبَتْ ونبَتتْ به زروعُهم - ما أنبتَتْه أَرَضوهم بذلك الغيث من الزرعِ مُصْفَرًّا، قد فسَد بتلك الريح التي أرسلناها، فصار من بعدِ خُضْرته مصفرًّا؛ لظلُّوا من بعدِ استبشارهم وفرحهم به، يكفرون بربِّهم.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣)﴾.


(١) في ص، ت ١: "حتى".
(٢) في ت ١: "أحييت".