للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾. قال: ما أعْطَوا مِن العهودِ. وهو حين يقولُ اللهُ: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ﴾: وهو الجوعُ، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ (١) [الأعراف: ١٣٠].

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٣٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فلما نكَثوا عهودَهم ﴿انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ يقولُ: انتصَرنا منهم بإحلالِ نِقْمَتِنا بهم، وذلك عذابُه ﴿فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾. وهو البحرُ. كما قال ذو الرُّمَّةِ (٢):

داوِيَّةٌ ودُجَى لَيْلٍ كأنهما … يمٌّ تَراطَنُ في حافَاتِه الرومُ

وكما قال الراجزُ (٣):

كباذخِ اليمِّ سقاه اليمُّ

﴿بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾. يقولُ: فعلنا ذلك بهم بتكذيبِهم بحُجَجِنا وأعلامِنا التي أريناهموها، ﴿وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾. يقولُ: وكانوا عن النقمةِ التي أحللناها بهم غافلين قبلَ حلولِها بهم أنها بهم حالَّةٌ.

والهاء والألف في قولِه: ﴿عَنْهَا﴾ كنايةٌ مِن ذكرِ "النقمةِ"، فإن قال قائلٌ: هي كنايةٌ مِن ذكرِ "الآياتِ". ووجَّه تأويلَ الكلامِ إلى: وكانوا عن آياتِنا معرضين.


(١) تقدم بتمامه في ٣٨٧، ٣٨٨، وأخرج هذا الجزء ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٥١ (٨٨٩٣) من طريق عمرو بن حماد به.
(٢) ديوانه ١/ ٤١٠.
(٣) هو العجاج، والرجز في ديوانه ص ٤٢٧.