للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾. يقولُ: فأعرِضْ عنهم إعراضًا جميلًا، واعفُ عنهم عفوًا حسنًا.

وقولُه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن ربَّك هو الذي خلَقهم وخلَق كلَّ شيءٍ، وهو عالمٌ بهم وبتدبيرِهم، وما يَأْتون مِن الأفعالِ.

وكان جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ تقولُ: هذه الآيةُ منسوخةُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بِشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾: ثم نُسِخ ذلك بعدُ، فأمَره اللهُ تعالى ذكرُه بقتالِهم حتى يَشْهَدوا ألا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، لا يَقْبَلُ منهم غيرَه (١).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا سويدُ بنُ نصرٍ، قال: أخبرَنا ابن المباركِ، عن جُوَيْبرٍ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾، ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٩]، و ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ١٠٦]، و ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ١٤]: وهذا النحوُ كلُّه في القرآنِ، أَمَرَ اللهُ به نبيَّه أن يكونَ ذلك منه، حتى أمَره بالقتالِ، فنُسِخ ذلك كلُّه، فقال: ﴿وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ (١) [التوبة: ٥].

حدَّثنا ابن وكيعٍ قال: ثنا أبى، عن إسرائيلَ، عن جابرٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾. قال: هذا قبلَ القتالِ (٢).


(١) ذكره الطوسى في التبيان ٦/ ٣٥٢.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٠٤ إلى المصنف وابن المنذر.