للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ [﴿أَتُحَاجُّونَنَا﴾: أتُجادِلوننا] (١)؟

فأمّا قولُه: ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ فإنه يعنى: ونحنُ للهِ مُخْلِصو العبادةِ والطاعةِ، لا نشركُ به شيئًا، ولا نَعبُدُ غيرَه أحدًا، كما عبَد أهلُ الأوثانِ معه الأوثانَ، وأصحابُ العجلِ معه العجلَ. وهذا من اللهِ تعالى ذكرُه توبيخٌ لليهودِ واحتجاجٌ لأهلِ الإيمانِ، بقولِه تعالى ذكرُه للمؤمنين من أصحابِ محمدٍ : قولوا -أيها المؤمنون لليهودِ والنصارَى الذين قالوا لكم: ﴿كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾ -: أَتُجادلوننا (٢) في اللهِ. وإنما (٣) يعنى بقولِه: ﴿فِي اللهِ﴾: في دينِ اللهِ الذى أمَرنا أن نَدِينَه به، وربُّنا وربُّكم واحدٌ عَدْلٌ لا يَجورُ، وإنما يُجازِى العبادَ على ما اكْتَسبوا، فتَزعُمون أنَّكم أَوْلَى باللهِ منا لقِدَمِ دينِكم وكتابِكم ونبيِّكم، ونحن مُخلِصون له العبادةَ لم نُشرِكْ به شيئًا، وقد أَشركْتُم في عبادتِكم إياه، فعَبد بعضُكم العجلَ، وبعضُكم المسيحَ، فأنَّى تكونوا خيرًا منا، وأَوْلَى باللهِ منا؟

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ﴾.

قال أبو جعفرٍ: وفى قراءةِ ذلك وجهان؛ أحدُهما: ﴿أَمْ تَقُولُونَ﴾ بالتاءِ (٤)، فمَن قرَأه كذلك، فتأويلُه: قل يا محمدُ -للقائلين لك من اليهودِ والنصارَى: ﴿كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾ -: أتُجادِلُوننا في اللهِ؟ أمْ تَقُولُونَ: إن إبْرَاهيمَ؟


(١) في الأصل: "تحاجون: تجادلون".
والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٤١، إلى المصنف، وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢٤٥ (١٣١٦) من طريق الضحاك، عن ابن عباس بلفظ "أتخاصموننا".
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "أتحاجوننا".
(٣) سقط من: م.
(٤) وهى قراءة حفص عن عاصم وابن عامر وحمزة والكسائى. ينظر حجة القراءات ص ١١٥.