للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البصرةِ بنحوِ الذي قلنا: فإن كان المتروكاتُ نساءً. وهو أيضًا قولُ بعضٍ نحويِّي الكوفةِ.

وقال آخَرون منهم: بل معنى ذلك: فإن كان الأولادُ نساءً. وقالوا: إنما ذكَر اللَّهِ الأولادَ، فقال: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾. ثم قسَم الوصيةَ، فقال: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً﴾: وإن كان الأولادُ واحدةً (١). ترجمةً منه بذلك عن "الأولادِ".

قال أبو جعفرٍ: والقولُ الأَوَّلُ الذي حكَيناه عمَّن حكَيْناه عنه مِن البصريِّين أَوْلَى بالصوابِ في ذلك عندى؛ لأن قولَه: وإن كُنَّ. لو كان معنيًّا به الأولادُ، لقيل: وإن كانوا. لأن الأولادَ تَجْمَعُ الذكورَ والإناثَ، وإذا كان كذلك، فإنما يقالُ: كانوا. لا: كنَّ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾.

يعنى بقولِه: وإن كانتِ المتروكةُ ابنةً واحدةً، ﴿فَلَهَا النِّصْفُ﴾. يقولُ: فلِتِلْك الواحدةِ نصفُ ما ترَك المَيِّتُ مِن ميراثِه، إذا لم يكنْ مَعها غيرُها مِن ولدِ الميتِ ذكرٌ ولا أنثى.

فإن قال قائلٌ: فهذا فرضُ الواحدةِ مِن النساءِ وما فوقَ الاثنتين، فأين فريضةُ الاثنتينِ؟ قيل: فريضتُهم بالسُّنَّةِ المنقولةِ نقْلَ الوِراثةِ التي لا يجوزُ فيها الشكُّ (٢).

وأما قولُه: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ﴾. فإنه يعنى: ولأَبَوَي الميت، ﴿لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾ مِن تَرِكَتِه، وما خلَّف مِن مالِه سواءٌ فيه الوالدةُ والوالدُ، لا يَزْدَادُ واحدٌ


(١) تقدير الكلام: فإن كان الأولاد نساء، وإن كان الأولاد واحدة.
(٢) يشير إلى ما أخرجه أحمد ٢٣/ ١٠٨ (١٤٧٩٨)، وأبو داود (٢٨٩١، ٢٨٩٢)، وابن ماجه (٢٧٢٠)، والترمذى (٢٠٩٢) وغيرهم من حديث جابر.