للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بيَّنتُ معنى "الشِّقاقِ" فيما مضَى (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ (٢) أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾.

اخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: ليس البرَّ الصَّلاةُ وحدَها، ولكنَّ البرَّ الخصالُ التي أُبَيِّنُها لكم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمِّي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباس قولَه: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾. يعني الصلاةَ، يقوْلُ: ليسَ البِرَّ أن تصلُّوا ولا تعمَلُوا، فهذا منذُ تحوَّلَ من مكَّةَ إلى المدينةِ، ونَزلتِ الفرائضُ، وحُدَّ الحدودُ، فأمرَ اللهُ بالفرائِضِ، وعُمِل (٣) بها (٤).

حدَّثني محمدُ بنُ عَمرٍو، قال: حدثنا أبو عاصمٍ، قال: حدثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾: ولكنَّ البرَّ ما ثَبَت في القلوبِ من طاعةِ اللهِ (٥).


(١) ينظر ما تقدم في ٢/ ٦٠١، ٦٠٢.
(٢) ضبطها في الأصل بالرفع، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو والكسائي وابن عامر، وأبي بكر عن عاصم، وقرأ حمزة وحفص بالنصب. السبعة لابن مجاهد ص ١٧٥.
(٣) في م: "العمل".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨٧ (١٥٤٠) عن محمد بن سعد به.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨٧ (١٥٤٢) من طريق ابن أبي نجيح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٧٠ إلى عبد بن حميد.