للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معدوداتٍ، وهى شهرُ رمضانَ كلُّه؛ لأنّ مَن بعدَ إبراهيمَ صلواتُ اللهِ عليه كان مأمورًا باتباعِ إبراهيمَ، وذلك أن اللهَ جلَّ ثناؤُه كان جعَله للناسِ إمامًا، وقد أخبرنا اللهُ أن دينَه كان الحنَيفيَّةَ المسلمةَ، وأُمِرَ نبيُّنا محمدٌ [مِن اتِّباعِه] (١) بمثلِ الذى أُمِرَ به مَنْ قبلَه مِن الأنبياءِ.

وأمَّا التشبيهُ فإنما وقَع على الوقتِ، وذلك أنَّ مَنْ كان قَبْلَنا إنما كان فُرِض عليهم صومُ شهرِ رمضانَ، مثلَ الذى فُرِض علينا سواءً.

وأما تأويلُ قولِه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ فإنه يعنى به: لِتتقُوا أكلَ الطعامِ وشربَ الشرابِ وجِماعَ النساءِ فيه. يقولُ: فرَضتُ عليكم الصومَ والكفَّ عما تكونون بتركِ الكَفِّ عنه مُفطرِين؛ لتتَّقُوا ما يُفْطِرُكُم في وقتِ صومِكم.

وبمثلِ الذى قُلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهلِ التأويلِ.

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثني موسى، قال: ثنا عَمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ: أما قولُه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. يقولُ: فتتقونَ مِن الطعامِ والشّرابِ والنساءِ مثلَ ما اتقَوْا. يعنى: مثلَ الذى اتقى النصارَى قَبلَكم (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾.

يعنى تعالى ذكرُه: كُتِب عليكم أيها الذين آمنوا الصيامُ أيامًا معدوداتٍ.

ونصَب ﴿أَيَّامًا﴾ بمضمرٍ من الفعلِ، كأنه قيلَ: كُتِب عليكم الصيامُ كما


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٠٥ (١٦٢٩) من طريق عمرو بن حماد به.