للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ﴿قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾: امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال، ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ لا يقدر أن يَمَسَّ ذلك من نفسه، ولا يَسْقِيَ ماشيته، فنحن ننتظر الناسَ، حتى إذا فَرَغوا أَسْقَيْنا ثم انْصَرَفْنا (١).

واختلفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾؛ فقرأ ذلك عامة قرأةِ الحجاز سوى أبى جعفر القارئ، وعامةُ قرأة العراقِ سوى أبي عمرو: ﴿يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾. بضمِّ الياء (٢). وقرأ ذلك أبو جعفر وأبو عمرٍو بفتح الياء (٣)، من: صدر (٤) الرعاءُ عن الحوض. وأما الآخرون فإنَّهم ضَمُّوا الياءَ، بمعنى: أَصْدَرَ الرعاءُ مواشيهم. وهما عندى قراءتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكلِّ واحدة منهما علماء من القرأة، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ.

وقوله: ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾. يقولان: لا يستطيعُ من الكِبَرِ والضَّعْفِ أن يسْقى ماشيته.

وقولُه: ﴿فَسَقَى لَهُمَا﴾. ذُكِر أنَّه فتح لهما عن رأس بئرٍ، كان عليه (٥) حَجَرٌ لا يُطيقُ رفعه إلا جماعةٌ من الناسِ، ثم اسْتَقى، فسقى لهما ماشيتَهما منه.

ذكرُ من قال ذلك

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى،، وحدَّثني


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٦٤ من طريق سلمة به.
(٢) وهى قراءة نافع وابن كثير وعاصم وحمزة والكسائى ويعقوب وخلف. النشر ٢/ ٢٥٦.
(٣) وبها قرأ ابن عامر. المصدر السابق.
(٤) في م: "يصدر".
(٥) في م: "عليها".