للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصحةِ عندى قولُ مَن قال: معنى ذلك: ذلك: والْتَفَّتْ ساقُ الدنيا بساقِ الآخرة، وذلك شدَّةُ كربِ الموتِ، بشدَّةِ هَوْلِ المَطْلَعِ، والذي يَدُلُّ على أنَّ ذلك تأويلهُ، قوله: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾. والعرب تقولُ لكلِّ أمرٍ اشتدَّ: قد شمَّر عن ساقه (١)، وكشَف عن ساقه. ومنه قولُ الشاعر (٢):

فإِذ (٣) شَمَّرَتْ لكَ عَن سَاقِها … فَوَيْهًا (٤) رَبِيعَ ولا تَسْأَمِ

وعنى بقوله: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾: الْتَصَقَت إحدى الشدَّتين بالأخرى، كما يقالُ للمرأة إذا الْتَصَقَت إحدى فَخِذَيْها بالأخرى: لفَّاءٌ.

وقولُه: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾. يقول: إلى ربِّك يا محمدُ يومَ التفافِ الساقِ بالساقِ مساقُه.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: فلم يُصَدِّقُ بكتابِ اللهِ، ولم يُصلِّ له صلاةٌ، ولكنه كذَّب بكتابِ اللهِ، وتولَّى فَأَدْبَر عن طاعةِ اللهِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في الأصل: "شاقه".
(٢) هو قيس بن زهير. والبيت في اللسان (و ى هـ). وفى الأغانى ١٧/ ٢٠٠ من قطعة مرفوعة القافية.
(٣) في م: (إذ)، وفى ت ١: "فإذا".
(٤) في النسخ: "فرنها"، صوابه المثبت من مصدر التخريج، وينظر التبيان ١٠/ ٨٧.