للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصبيُّ حين تَلِدُه أُمُّه؟ فإنها منها.

حدَّثني أحمدُ بنُ الفرَج، قال: ثنا بَقِيةُ بنُ الوليد، قال: ثنا الزُّبيديُّ، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمةً، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "ما من بنى آدم مَوْلُودٌ إِلا يَمَسُّه الشَّيطانُ حِينَ يُولَدُ يَسْتَهِلُّ صارخًا" (١).

القولُ في تأويل قوله: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾.

يعنى بذلك [أن الله] (٢) جلَّ ثناؤُه تَقَبَّل مريمَ مِن أُمِّها حَنَّةَ؛ تَحريرها (٣) إياها للكَنيسة وخِدْمتَها وخِدْمَةَ ربِّها، بقبولٍ حَسنٍ.

والقبولُ، مصدرٌ: من قَبِلَها ربُّها. فأَخْرَج المصدر على غير لفظ الفعل. ولو كان على لفظِه لكان: فَتَقَبَّلها ربُّها تَقَبُّلًا حَسَنًا. وقد تَفْعلُ العربُ ذلك كثيرًا؛ أن يَأْتوا بالمصادر على أصول الأفعال، وإن اخْتَلَفَتْ أَلْفاظُها في الأفعالِ بالزيادة، وذلك كقولهم: تَكَلَّم فلانٌ كلامًا. ولو أُخرج المصدرُ على الفعل لقيلَ: تَكلَّم فلانٌ تكَلُّمًا. ومنه قوله: ﴿وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾. ولم يقل: إنباتًا حَسَنًا.

وذُكِرَ عن أبي عمرو بن العلاءِ (٤)، أنه قال: لم نَسْمَعِ العربَ تَضُمُّ القاف في "قَبُولٍ"، وكان القياسُ الضمَّ؛ لأنه مَصْدرٌ مثلُ الدُّخُولِ والخُرُوج. قال: ولم أسْمَعْ بحرفٍ آخر في كلام العربِ يُشْبِهُه.

حُدِّثْتُ بذلك عن أبي عبيدٍ، قال: أخبرني اليَزيديُّ، عن أبي عمرٍو.


(١) أخرجه أبو يعلي (٥٩٧١)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٤/ ٣٠، ٣١ (مخطوط)، من طريق الزهري به نحوه، وذكره الحافظ في الفتح ٦/ ٤٦٩ عن الزبيدى به، ووقع في الفتح "السدى" بدل "الزبيدي".
(٢) سقط من: م، س.
(٣) في ص، م: "بتحريرها".
(٤) ينظر اللسان (ق ب ل).