للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدُ. وقرأ ذلك بعضُ قرأةِ أهل البصرةِ: (لا تَحِلُّ لَكَ النَّسَاءُ) بالتاءِ (١)، توجيهًا منه إلى أنه فعلٌ للنساءِ، والنساءُ جمعٌ للكثيرِ منهن.

وأولى القراءتين بالصوابِ في ذلك: قراءةُ مِن قرأه بالياءِ (٢)؛ للعلة التي ذكرتُ لهم، ولإجماعِ الحجةِ مِن القرأةِ على القراءةِ بها، وشذوذِ مِن خالفهم في ذلك.

وقولُه: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك، فقال بعضُهم: معنى ذلك: لا يحلُّ لك النساءِ مِن بعدِ المسلماتِ، لا يهوديةٌ ولا نصرانيةٌ ولا كافرةٌ، ولا أن تَبدَّلَ بالمسلماتِ غيرَهن مِن الكوافرِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ﴾: ولا أن تَبدَّلَ بالمسلماتِ غيرَهن مِن النصارى واليهودِ والمشركين، ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ (٣).

حدَّثنا ابن حميد، قال: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ في قولِه: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾. قال: لا يحلُّ لك أن تتزوَّجَ مِن المشركاتِ إلا مِن سَبَيْتَ، فملَكَتْه يمينُك منهن (٤).


(١) وهى قراءة أبي عمرو بن العلاء. المصدر السابق.
(٢) القراءتان كلتاهما صواب.
(٣) تفسير مجاهد ص ٥٥١، ومن طريقه الطحاوى في المشكل ١/ ٤٥٤، ٤٥٥ بعد رقم (٥٢٤)، وأخرجه ابن سعد ٨/ ١٩٥، ١٩٦ من طريق أبى الصباح عن مجاهد مطولًا.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٢٦٩ عن جرير به، وأخرجه ابن سعد ٨/ ١٩٦ من طريق منصور به، وعزاه =