للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَأَقومُ قِيلًا﴾. يقولُ: وأصوبُ قراءةً.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا يحيى بنُ داود الواسطيُّ، قال: ثنا أبو أسامةَ، عن الأعمشِ، قال: قرَأ أنس هذه الآيةَ: (إنَّ ناشِئةَ اللَّيْلِ هِىَ أشَدُّ وَطْئًا وأصْوَبُ قِيلًا) (١). فقال له بعضُ القوم: يا أبا حمزة، إنما هي: ﴿أَقْوَمُ قِيلًا﴾. قال: "أقومُ" و "أصوبُ" و "أهْيَأُ" واحدٌ (٢).

حدثني موسى بنُ عبدِ الرحمنِ المسْروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحمانيُّ، عن الأعمش قال: قرأ أنس: ﴿وَأَقومُ قِيلًا﴾: (وأصوب قيلًا). قيل له: يا أبا حمزةَ، إنما هي ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾. قال أنسٌ: "أقومُ" و"أصوبُ" و "أهيأُ" (٣) واحدٌ (٤).

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن


(١) وهى قراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف. ينظر المحتسب ٢/ ٣٣٦.
(٢) أخرجه أبو يعلى (٤٠٢٢) من طريق أبي أسامة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٧٨ إلى ابن نصر وابن الأنبارى في المصاحف، وتقدم هذا الأثر في ١/ ٤٧.
قال أبو بكر الأنباري: وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال: من قرأ بحرف يوافق معنى حرف من القرآن فهو مصيب. واحتجوا بقول أنس هذا، وهو قول لا يُعرَّج عليه ولا يلتفت إلى قائله؛ لأنَّه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها، لجاز أن يقرأ في موضع: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾: الشكر للبارى ملك المخلوقين … والحديث الذي جعلوه قاعدتهم في هذه الضلالة حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم؛ لأنَّه مبنى على رواية الأعمش عن أنس، فهو مقطوع ليس بمتصل فيؤخذ به، من قبل أن الأعمش رأى أنسا ولم يسمع منه. ينظر تفسير القرطبي ١٩/ ٤١، ٤٢.
(٣) بعده في الأصل: "هاهنا".
(٤) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ٩/ ٤ من طريق عبد الحميد به.