للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعَل خبرَ الفتيانِ "أن"، وهو كما يقالُ: إنما السَّخاءُ حاتمٌ، والشِّعْرُ زهيرٌ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)﴾.

وهذا قضاءٌ من الله بينَ فِرَقِ المُفْتَخِرِين الذين افتَخَر أحدُهم بالسِّقايةِ، والآخرُ بالسِّدانةِ، والآخَرُ بالإيمانِ باللهِ والجهادِ في سبيلِه، يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ باللهِ وصَدَّقوا بتوحيدِه مِن المشركين، ﴿وَهَاجَرُوا﴾ دورَ قومِهم، ﴿وَجَاهَدُوا﴾ المشركين في دينِ اللهِ، ﴿بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ﴾ وأرفع منزلةً عندَه مِن سُقاةِ الحاجِّ وعُمَّارِ المسجدِ الحرامِ، وهم بالله مُشْرِكون، ﴿وَأُولَئِكَ﴾. يقولُ: وهؤلاء الذين وَصَفْنا صِفَتَهم، أنهم آمَنوا وهاجَروا وجاهَدوا، ﴿هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ بالجنةِ، الناجُون من النارِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يُبشِّرُ هؤلاء الذين آمنوا وهاجَروا وجاهَدوا في سبيلِ اللهِ - ﴿رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ﴾ لهم، أنه قد رَحِمهم مِن أن يُعَذِّبَهم، وبرضوانٍ منه لهم، بأنه قد رَضِى عنهم بطاعتِهم إيَّاه، وأدائِهم ما كَلَّفَهم، ﴿وَجَنَّاتٍ﴾. يقولُ: وبَساتينُ ﴿لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ﴾: لا يَزُولُ ولا يَبِيدُ، ثابتٌ دائمٌ أبدًا لهم.

حدَّثنا ابن بَشَّارٍ، قال: ثنا أبو أحمدَ الزبيريُّ (٢)، قال: ثنا سُفيانُ، عن محمدِ


(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) في م: "الموسوى"، في ت ١، ت ٢: "الزهرى".